السبت، 10 ديسمبر 2011

التعليم في الوطن العربي


كلنا يعلم أن التعليم في الوطن العربي إنما يحتاج إلى الكثير من الجهود ويحتاج إلى تكاتف السواعد للمساهمة في نهضة التعليم، إن مجتمع التعليم لايقتصرعلى طالب العلم وحده أو على المعلم فقط، بل هي منظومة متكاملة لها عدة محاور وعدة مراكز يجب أن نعتني بها جميعها ونحيطها بقدر كبير من الاهتمام والرعاية ونقودها نحو التطور.

المنظومة التعليمية تتكون من ثلاث محاور رئيسية هي المعلم، المتعلم، والآباء كل حسب دوره وموقعه من هذه المنظومة. دون أن نقلل من دور أي منهم ودون أن نُغفل التشارك وتبادل الخبرات الذي يتم بين هذه المحاور الثلاث، ولا يمكننا أن نحدد أحد هذه المحاور على أنه البداية للمنظومة التعليمية فإنما هي حلقة متصلة لابداية لها ولا نهاية ولكن نتيجة اتصالها تظهر جلية في المجتمع.

لماذا لابداية لها؟!
لأن كل عنصر كان قد شارك مشاركة فعالة ولايزال يشارك في جميع المحاور، فالأب كان متعلما وهو معلم لأبنائه ولايزال يتعلم ويكتسب خبرات وينقلها. والمعلم كان متعلما ولايزال يتعلم ليتمكن من التعليم وأن يكون معلماً، كما أنه أب لتلاميذه يربيهم ويؤدبهم. أما الطالب ، فإنه في مرحلة التعلم ولكنه يساهم كذلك في تعليم ونقل خبراته إلى أبناء جيله – إن أحسنا إعداده – وسيصل اليوم ليكون فيه أبا ومعلما.

إن التطور الذي يشهده العالم في مجال التعليم يحتاج منال إلى أن نعيد النظر في دورنا في المجتمعات العربية ويحثنا على أن نواكب هذا التطور مما يدفعنا إلى أن نسلط الضوء على الأدوات التي تساعدنا في فهم أسلوب التعلم المطوَّر والذي من شأنه رفع مستوى التعليم ورفع مستوى كل من المعلم، المتعلم والآباء على حد سواء؛ بما يصل بنا إلى بيئة تعليمية أفضل ويقودنا نحو جيل فعال أكثر.

من هنا جاءت ضرورة طرح مفاهيم جديدة حول العملية التعلُّمية ولفت الانتباه إلى جوانب لم تلق الانتباه الكافي من القائمين على العملية التعليمية، مستفيدين من التطور الحاصل في العلوم الحديثة المهتمة بدراسة الإنسان، المادية منها ( مثل الفيزيولوجيا ووظائف الدماغ ) وغير المادية ( مثل علم النفس )، والموجهة لمختصي التربية والمشرفين على المناهج التعليمية والمدرسين والأهالي الذين يرغبون بمتابعة أبنائهم في المدارس ورفع مستواهم التعليمي، بأسلوبٍ ميسرٍ ليفهمه الجميع، لاسيما الأهالي الذين عانى كثير منهم تجارب غير سارة في المدارس عندما كانوا طلاباً، وانعكست هذه التجارب على تعاملهم مع مدارس أبنائهم ومناهجهم الدراسية، ولجعل العملية التعليمية حدثاً ممتعا للطالب في البيت والمدرسة وللوالدين أيضاً.
ولا تقتصر هذه المفاهيم على إيجاد المتعة أثناء التدريس المدرسي والمنزلي بل تتوسع لتشمل طرح مناهج وآليات وطرق ووسائل تهدف إلى توسيع أفق الطالب، وحثه على التفكر، ودفعه للبحث، وتنمية ذاكرته والجوانب المختلفة لذكائه، إذ لا يوجد طالب غير ذكي لكن يوجد طالب لم يدرك المشرفون عليه ذكاءه وفي أي منحى هو، وهو ما عانى ويعاني منه كثير من الطلاب للأسف حين ينعتهم بعض أساتذتهم أو أهليهم بالكسل أو الغباء ويركزون على مالا يستطيع الطالب فعله بدلاً من التركيز على ما يستطيع وما هو متميز به لأن كل الناس متميزون، كلٌ في جانب.

إن هذه المفاهيم إنما تتضمن مجموعة من الاستراتيجيات والدروس والأفكار التي تحقق احتياجات المعلم وتحفز الابداع لديه، وكفاءات لتحسين أداء المتعلمين في المدرسة والحياة العملية، كما يجب ألا نُغفل دور الآباء في العملية التعليمية فلنخصص لهم شروحا تمكنهم من مساعدة أبناءهم في التعلم وطرائق للتعلم على نحو فعال، كما أن دور المدرسة كمؤسسة هام جدا في العملية التعليمية والتربوية، فلنستكشف القيم التي يمكن أن تُعَلَّم عن طريق المدارس، ونوجه عدد من الرسائل ذات التأثير القوي التي تدعو إلى انخراط كل شخص في المساهمة الفعالة في عملية تطوير النظام التعليمي. ونركز في ذلك على دور مديري المدارس فنمنحهم الثقة والفرصة ونشجعهم من أجل التركيز على رؤية ملهمة ودودة تجلب نتائج مثمرة للمتعلمين والمجتمع المدرسي الأوسع.

بقلم : محمد خليل
دمشق - 2011